| Etablissement | Université d'Oran1 - Ahmed Ben Bella |
| Affiliation | Département civilisation Islamique |
| Auteur | BOUDERBALA, Farid |
| Directeur de thèse | قلايلية العربي (Docteur) |
| Diplôme | Doctorat |
| Titre | الملامح الدلالية في تفسير عبد الله بن عباس وأثرها في الدراسة اللغوية. |
| Mots clés | ومبحث علم الدلالة يعد من المباحث حديثة الظهور /نلق الضوء على منهج التفسير اللغوي لابن عباس- رضي الله عنهما-، ومن ثم فهم مستويات الدلالة في تفسيره اللغوي لألفاظ القرآن وكيف كان يتعامل معها ومع سياقها في التركيب القرآني، ثم ربطها بالدراسات الحديثة في علم الدلالة./ويقوم البحث على محاولة الكشف عن الآلية المتبعة في المنهج اللغوي في فهم دلالات القرآن عند الصحابي عبد الله بن عباس |
| Résumé | انصب جهد العلماء قديما وحديثاً، على هذا الكتاب العزيز الذي لا تنقضي عجائبُه ولا يخلَقُ من كثرة الردِّ ، مَنْ قال به صدَقَ ، ومن عمِل به رَشَد ، ومن اعتصم به هُديَ إلى صراط مستقيم، وإن مبتغى العلماء الأجلاء في هذا الكتاب العزيز هو بيان دلائله من ألفاظه، ومعانيه، ووجوه إعجازه ؛ والله ـ سبحانه ـ بين مراده بيانًا أحكمه، لكن الاشتباه يقع على من لم يرسخ في علم الدلائل الدالة.
وإذا كان قولهم لا تنقضي عجائبُه يعنون به معانيه، فلقد قال طاهر بن عاشور في هذا الشأن :"... إن السلف قالوا: إن القرآن لا تنقضي عجائبه يعنون معانيه ولو كان كما قال الشاطبي لانقضت عجائبه بانحصار أنواع معانيه.- ثم قال- : أن من تمام إعجازه أن يتضمن من المعاني مع إيجاز لفظه ما لم تف به الأسفار المتكاثرة.-ثم زاد - : أن مقدار أفهام المخاطبين به ابتداء لا يقضي إلا أن يكون المعنى الأصلي مفهوما لديهم فأما مازاد على المعاني الأساسية فقد يتهيأ لفهمه أقوام، وتحجب عنه أقوام، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه.."( )
ولتنوع مفهوم الدلالة واتساع مساحته الدلالية، نجد الخلاف بين السلف في التفسير، وخلافهم في التفسير راجع أساساً لخلافهم في عباراتهم حول بيان معاني كلام الله. قال ابن تيمية:"الخلاف بين السلف في التفسير قليل وخلافهم في الأحكام أكثر من خلافهم في التفسير وغالب ما يصح عنهم من الخلاف يرجع إلى اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد وذلك صنفان :
أحدهما أن يعبر كل واحد منهم عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه تدل على معنى في المسمى غير المعنى الآخر مع اتحاد المسمى بمنزلة الأسماء المتكافئة التي بين المترادفة والمتباينة.
الصنف الثاني أن يذكر كل منهم من الاسم العام بعض أنواعه على سبيل التمثل وتنبيه المستمع على النوع لا على سبيل الحد المطابق للمحدود في عمومه وخصوصه."( )
بل نجد الواحد منهم مثل حبر الأمة وإمام المفسرين عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما- تختلف عبراته في الآية الواحدة وفي النص الواحد فهل يعتبر هذا ضرب من النسخ أو اتساع في فهم الدلالة اللغوية وتَغَيُّرِها وتطورها حسب الحاجة التي تعود إلى عدة عوامل خارجية نذكر منها على سبيل المثال المحيط الاجتماعي، أو الثقافة العلمية. ويقصد من (اتساع دلالة الألفاظ) أن العبارة الواحدة أو اللفظة الواحدة قد تتسع لأكثر من معنى. وقد يؤتى بها لتجمع أكثر من معنى، وهذه المعاني كلها مرادة مطلوبة، فبدلا من أن يطيل المتكلم الكلام ليجمع معنيين أو أكثر من المعاني المطلوبة يأتي بعبارة واحدة تجمع المعاني كلها، فيوجز في التعبير ويوسع في المعنى..
وفي القرآن الكريم قد تمر بنا آيات قرآنية تحتمل أكثر من معنى، فيؤتى بها في القرآن لأجل أن تجمع المعاني كلها بأوجز عبارة ؛ وقد نشر الدكتور محمد فاضل صالح السامرائي بحثا بعنوان: "صور من اتساع دلالة الألفاظ والتراكيب في تفسير الكشاف"( )،
وتوصل الباحث أن الزمخشري قد يذكر أكثر من دلالة تحتملها الآية القرآنية كلها مرادة مقصودة، وتوصل أيضاً إلى أن هناك صورا كثيرة لاتساع دلالة الألفاظ والتراكيب في تفسيره، فقد يكون التوسع في معنى اللفظة، وقد يكون في صيغتها، وقد يكون في معنى الجملة... إلى غير ذلك من الصور التي ورد ذكرها في البحث.
ومبحث علم الدلالة يعد من المباحث حديثة الظهور إذ يقول الأستاذ عبد الرحمن حللي:" كل هذا الحضور للدلالة في العلوم العربية والشرعية لم ينته إلى ظهور كعلم مستقل إذ ظهر هذا الإفراد في أواخر القرن التاسع عشر (1883م) مع اللغوي الفرنسي برييل" Breal "Michel ليعبر عن فرع من علم اللغة العام هو «علم الدلالات» ليقابل «علم الصوتيات»، وقد تم تداول اصطلاح «علم الدلالة» بإجماع لا لبس فيه والتعبير الانكليزي عنه (Semantics)، والأصل في هذه الكلمة أنها تعني الدراسة التاريخية لتغيرات معاني الكلمات، وواضح من تاريخ هذا العلم أنه تطور ليوسع مجاله إلى علوم أخرى كعلم النفس وعلم الإنسان والفلسفة والمنطق والبلاغة وعلم الاجتماع، إذ أصبحت كلمة Semantics توظف كمصطلح عام لدراسة العلاقات بين الدوال والأشياء التي تدل عليها.
هذا التطور في علم الدلالة في سياقه الغربي استفاد من تراكمات معرفية سابقة، لكن الباحثين في هذا المجال مثل فايز الداية في كتابه «علم الدلالة»- يلاحظون أن الدراسات الدلالية أغفلت جهود الدلاليين العرب القدامى فلم تأت على ذكرهم في سلسلة تطور الاهتمام الدلالي القديم، وقد أسهمت الدراسات اللغوية العربية الحديثة في إبراز جهود اللغويين والأصوليين في مجال الدلالة، وعلى رغم هذه الجهود فإنهم لم ينكروا الإضافة العلمية في علم الدلالة الحديث وآفاق الاستفادة منه، بل أبرزوا التكامل الذي يضيفه إلى الدراسات العربية".
ومع هذا كله فإن اللغة العربية كانت تحمل في طيَّاتها مدلولات دقيقة وشاملة وواسعة المدلول وهذا واضح في كتب الفروق اللغوية وفقه اللغة ؛ فمثلاً إذا قلنا:" ناولني الكأس " فمدلوله أنه فيه شراب لأنه لا يقال كأس إلا إذا كان فيها شراب وإلا فهي زجاجة وإناء وقدح" وهذا في ظني أن اللغة العربية في ذاتها أغنى اللغات من حيث مدلولات ألفاظها، وعلى هذا الأساس فالعرب لهم فضل السبق في هذا النوع من الدراسات.
يقول أ.د/أحمد مختار عمر"وقد كان للعرب فضل السبق في هذا النوع من الدراسات، فمعظم الأعمال اللغوية المبكرة عند العرب تعد من مباحث الدلالة، مثل: تسجيل معاني الغريب في القرآن الكريم، والحديث عن مجاز القرآن، والتأليف في الوجوه والنظائر في القرآن ، وإنتاج المعاجم. وحتى ضبط المصحف بالشكل يعد في حقيقته عملا دلاليا ، لأن تغيير الضبط يؤدى إلى تغيير المعنى.
ولعل من أهم الدراسات العربية المبكرة التي تناولت جانبا المعنى دراسات الأصوليين التي سبقته في كثير من نتائجها دراسة المعنى في العصر الحديث، كما ضمت هذه الدراسات موضوعات مثل: دلالة اللفظ من حيث الشمول (العام ، الخاص ، المشترك) ودلالة المنطوق، ودلالة المفهوم، وتقسيم المعنى بحسب الظهور والخفاء، وطرق الدلالة، والتغير الدلالي، والحقيقة والمجاز، والمشترك اللفظي والمترادف.
كذلك نجد دراسات وإشارات كثيرة للمعنى في مؤلفات الفلاسفة المسلمين ، مثل: الفارابي، وابن سينا، وابن رشد، وابن حزم، والغزالي، والقاضي عبد الجبار وغيرهم.
كما انعكس الاهتمام بالمعنى في دراسات البلاغيين التي اهتمت بمباحث الحقيقة والمجاز، ودرست كثيرا من الأساليب، كالأمر والنهى والاستفهام، وقدمت نظرية النظم عند عبد القاهر الجرجاني وغيرها.
ولم يقتصر الاهتمام العربي بمباحث الدلالة على وسائل الاتصال اللفظية وحدها ، بل تجاوزها ليشمل كذلك الوسائل غير اللفظية، وبخاصة حركات الجسم وما تحمله من دلالات لغوية، وفى القرآن الكريم أمثلة كثيرة".( )اهـ
ومن هذا المنطلق أردنا أن نلق الضوء على منهج التفسير اللغوي لابن عباس- رضي الله عنهما-، ومن ثم فهم مستويات الدلالة في تفسيره اللغوي لألفاظ القرآن وكيف كان يتعامل معها ومع سياقها في التركيب القرآني، ثم ربطها بالدراسات الحديثة في علم الدلالة.
ويقوم البحث على محاولة الكشف عن الآلية المتبعة في المنهج اللغوي في فهم دلالات القرآن عند الصحابي عبد الله بن عباس- - حيث كان من أكثر الصحابة تفسيراً إلى جانب اهتمامه بمصادر اللغة في وقت مبكر، حيث عرف عنه اهتمامه بالشعر الجاهلي وتوظيفه كشاهد لغوي بين فيه دلالة بعض ألفاظ القرآن الكريم، إلى جانب قضية مهمة جداً وهي أن التفسير اللغوي لعبد لله بن عباس- - تكتنفه مزية شهوده وقربه لوقائع التنزيل، والتي نزلت في كثير من الأحيان لأسباب وعلل ومقاصد، وهذا الأمر له دلالته الاجتماعية، فإذا علم مثلاً أن آية من آيات القرآن الكريم نزلت لسبب ما، أو في قضية ما، أو في فلان ما، فإن تلك المجريات الاجتماعية تزيد في بيان دلالة ألفاظ القرآن، وبالمثال يتضح المقال ففي قوله تعالى: إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ[الأنفال : 11] ففي تفسير وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ قال أبو عبيدة(ت:210):" مجازه: يفرغ عليهم الصبر، وينزله عليهم، فيثبتون لعدوِّهم"( )اهـ وهذا مخالف لظاهر ما ذكره ابن عباس في تفسيره الآية حيث استند في تفسيره على الدلالة الاجتماعية لمعركة بدر حيث قال :" "إذ يغشاكم النعاس أمنة منه" إلى قوله:(ويثبت به الأقدام)، وذلك أن المشركين من قريش لما خرجوا لينصروا العير ويقاتلوا عنها، نزلوا على الماء يوم بدر، فغلبوا المؤمنين عليه، فأصاب المؤمنين الظمأ، فجعلوا يصلون مجنبين مُحْدِثين، حتى تعاظم ذلك في صدور أصحاب رسول الله ، فأنزل الله من السماء ماء حتى سال الوادي، فشرب المسلمون، وملئوا الأسقية، وسقوا الرِّكاب، واغتسلوا من الجنابة، فجعل الله في ذلك طهورًا، وثبت الأقدام. وذلك أنه كانت بينهم وبين القوم رَملة، فبعث الله عليها المطر، فضربها حتى اشتدَّت، وثبتت عليها الأقدام"( ). ومن هذا المبدأ تتبين أهمية السلف في فهمهم للدلالات القرآن الكريم فهم أهل التنزيل وشاهديه.
إن الكلمات الواردة في القرآن الكريم تنقسم من حيث دلالاتها إلى:
معنى لغوي، ومعنى شرعي (اصطلاحي)، ومعنى عرفي؛ وإن فهم النص القرآني ينبغي أن يكون وفق مدلوله اللغوي ، والشرعي الذي كان عليه في العصر النبوي باعتبارهما الأصل الذي يرجع إليه عند الاختلاف. أما المدلول العرفي فلا يمكن الاحتكام إليه لعدم ثباته من جهة، ولخضوعه لمؤثرات البيئة والمحيط الثقافي السائد من جهة أخرى. فالنص القرآني ثابت بلفظه، ثابت بمعناه الأصلي، يختلف الناس ويتفاوتون في فهمه حسب ثقافتهم وبيئتهم.كما أن مدلول اللفظ القرآني أو النبوي عندما نفهمهما خارج الإطار الزماني المكاني الذي نزلت فيه، نكون قد ابتعدنا به كثيرا عن المعنى الأصيل الذي وضع له. ومن ثم ينتهي الأمر إلى الاختلاف في فهم المقصود الأصلي لمدلوله. و لا مانع من الاستعانة بثقافة العصر أو العصور السابقة في فهم النص القرآني بشرط أن لا تكون تلك الثقافة حاكمة على القرآن متحكمة في تصوره وفهمه.
ومما أشير إليه أنه أصبح في عصرنا الحالي مدلول آخر محدث وهو معنى علمي اصطلاحي الحدوث أي ليس من لغته أو مولّد وليس ثمة علاقة له لا بالمدلول اللغوي ولا المدلول الشرعي كمن فسر الذَّرة الواردة في القرآن الكريم على أنها الذَّرَّةُ التي يصطلح عليها علماء الفيزياء والكيمياء.
واللغة سدٌّ منيع لمن أراد أن يفسِّر كلام الله بما لا يعرفُ مدلوله اللغوي إلاَّ خواصُّ من الناس كما يزعم كثيرٌ من الباطنية والفلاسفة وغيرهم، ومع ذلك لا ننفي ولا ننكر المدلول اللغوي الواسع التي تحمله ألفاظ القرآن الكريم حتى أننا نجد تعَدُّد مدلولاتِ لفظٍ من ألفاظِ القرآنِ في لغة العرب كان سبباً في اختلاف المفسرين، فمنهم من اجتهد رأيه واعتمد معنىً، ومنهم من اجتهد رأيه واعتمد معنىً آخر وكلاهما كان معتمده الأول هذا المعنى في لغة العرب، ثمَّ صحةُ حمل اللفظ على الآية، ومن هنا تبدأ الإشكالية فهل اللفظ يحمل جميع تلك المدلولات، أم بعض المدلولات أولى من بعض ، ثم هل يبقى ذلك المدلول جار عبر المكان والزمان أو هو متغير حسب المكان والزمان والثقافة والدوافع، ثم ما هو ضابط ذلك، فمثلاً: قد نفسر آية من كتاب لله لطفل ما لا نفسره لطالب جامعي، وبذلك يصبح المدلول الأول ناقص عن المدلول الثاني ثم إذا علمنا أن البلاغة برمتها ما هي إلى نتاج حركة كانت تدافع عن القرآن بأسلوب إظهار وجوه إعجازه ضد حركة شعوبية أرادت أن تمس بلاغة القرآن الكريم، ومن هنا نفهم أن مستوى الدلالات قد يتغير حسب العوامل ؛ لكن يبقى عنصر مشترك وهو أساس المدلول الذي لا يخرجه عن كونه بيان وتفسيراً للآية. ثم هنالك إشكال آخر في مستوى الدلالة القرآنية وهو كيف نحدد حدودها عبر المكان والزمان حتى لا تخرج عن أصلها ومدلولها وما مدى استمراريتها؟ فمثلا في قوله تعالى: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ [الصف : 5] وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ[الأنعام : 159]، فسره بعض السلف أنها نزلت في الخوارج ومعلوم أن الخوارج لم يظهروا كفرقة إلاَّ بعد انتهاء الوحي وموت النبي-- لكن مدلول الآية تناولت فعل الخوارج ولذلك قال الشاطبي:"... كما قاله القاضي إسماعيل في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ[الأنعام : 159] بعدما حكى أنها نزلت في الخوارج وكأن القائل بالتخصيص - والله أعلم-لم يقل به بالقصد الأول بل أتى بمثال مما تتضمنه الآية كالمثال المذكور فإنه موافق لما كان مشتهرا في ذلك الزمان فهو أولى ما يمثل به ويبقى ما عداه مسكوتا عن ذكره عند القائل به ولو سئل عن العموم لقال به وهكذا كل ما تقدم من الأقوال الخاصة ببعض أهل البدع إنما تحصل على التفسير بحسب الحاجة ألا ترى أن الآية الأولى من سورة آل عمران إنما نزلت في قصة نصارى نجران ؟ ثم نزلت على الخوارج حسبما تقدم إلى غير ذلك مما يذكر في التفسير ـ إنما يحملون على ما يشمله الموضع بحسب الحاجة الحاضرة لا بحسب ما يقتضيه اللفظ لغة وهكذا ينبغي أن تفهم أقوال المفسرين المتقدمين وهو الأولى لمناصبهم في العلم ومراتبهم في فهم الكتاب والسنة"( ). ولذلك روي عن أبي الدرداء : لا تفقه كل الفقه حتى ترى القرآن وجوها.( ) ثم من جهة أخرى نجد أهل البدع أنفسهم يحتجون على بدعتهم بمدلولات: العموم في القرآن الكريم، ولذلك روي عن علي-- أنه قال لابن عباس--لمَّا أراد أن يُنَّاظر الخوارج،:"... ولا تخاصمهم بالقرآن فإنه ذو وجوه ولكن خاصمهم بالسنة فقال له: أنا أعلم بكتاب الله منهم فقال: صدقت ولكن القرآن حمال ذو وجوه".( ) أَي يُحْمَل عليه كُلُّ تأْويل فيحْتَمِله وذو وجوه أَي ذو مَعَانٍ مختلفة( ). ومن هنا تتبين أهداف البحث .
يرمي البحث إلى معرفة مدلولات الألفاظ ومن ثم مدلولات التراكيب في تفسير ابن عباس-رضي الله عنهما- ثم المقارنة بين وجوه تعدد تفسيره في الآية الواحدة ومدى حدود مستوى الدلالة التي تحملها اللفظة ثم إذا كان التفسير لفظي فدلالته لفظية وهو باعتبارات فباعتبار تعدد مدلولاته فأقسامه محصورة ووجه حصرها في أربعة أقسام: أن اللفظ إما أن يحتمل معنى واحداً فقط أو أكثر فالأول النص، والثاني إما أن يكون في أحد المعنيين أو المعاني أظهر منه في غيره أو لا بأن يكون على السواء فالأول الظاهر ومقابله المؤول والثاني المجمل. وباعتبار شمول مدلوله فدلالة اللفظ من حيث الشمول (العام ، الخاص ، المشترك ) ودلالة المنطوق ، ودلالة المفهوم ، وتقسيم المعنى بحسب الظهور والخفاء، وطرق الدلالة، والتغير الدلالي، والحقيقة والمجاز، والمشترك اللفظي والمترادف.وإذا كان الأمر يتعلق بعبارة النص فمن دلالاته إشارة النص و دلالة النص و اقتضاء النص. وباعتبار آخر تنقسم الدلالة اللفظية الوضعيّة إلى ثلاثة أقسام، وهي: الأول: دلالة المطابقة ؛ والثاني: دلالة التضمّن ؛ و الثالث: دلالة الالتزام. وباعتبار آخر حديث، تنقسم أنواع الدلالة إلى دلالة معجمية أو اجتماعية ودلالة صرفية، ودلالة نحوية، ودلالة بلاغية وحتى دلالة صوتية؛ لكن كما هو معلوم نحن ندرس ما كان على عهد عبد الله بن عباس لذلك لا نتطرق إلى الدلالات التي لم تنشأ في وقته إلاَّ إذا كانت لها صلة بالموضوع من حيث تأسيسه مثل قوله رضي الله عنه: كل شيء في القرآن"أو"" أو"، فهو مخير فيه، فإن كان"فمن"" فمن"، فالأول فالأول( ). |
| Statut | Validé |